فصل: النظر الأول: في أركانه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


النظر الأول‏:‏ في سببه

وفي الجواهر‏:‏ هو زوال الملك بالحرية، فمن زال ملكه بالحرية عن رقيق فهو مولاه، سواء نجز أو علق أو دبر أو استولد أو كاتب، أو أعتق بعرض، أو باعه من نفسه، أو أعتق عليه، إلا أن يكون السيد كافرا والعبد مسلما، أو عبدا أعتق بإذن سيده في حالة يجوز له فيها التبرع، فإن كان السيد كافرا فأسلم العتيق، فمتى أسلم السيد فولاؤه عليه باق، وإن مات العتيق قبل إسلامه ورثه أقرب الناس للكافر من المسلمين، وأما العبد فلا يرجع الولاء إليه أبدا، وإن عتق وهو محالف للمكاتب، وإن أعتقه بغير إذن سيده ولم يعلم حتى عتق العبد فالولاية له دون السيد، وحقيقة الولاء‏:‏ أنه لحمة كلحمة النسب، فإن العتق سبب لوجود العتيق بإحياء عباداته، وولايته المناصب، وصدق اكتسابه عليه، كما أن الأب سبب وجود الابن وإليه الإشارة بقوله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لن يجزي ولد والده حتى يجده رقيقا فيشتريه فيعتقه‏)‏ أي يوجده حكما أوجده حسا، وكذلك او شرط لغير المعتق لم يصح كالنسب‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إن اعتق عن غيره بأمره أم لا، فالولاء للمعتق عنه، أو سائبة لله، فولاؤها للمسلمين، وعليهم العقل، ولهم الميراث، أو عن عبد رجل، فالولاء للرجل ولا يجده غيره، كعبد أعتق عبده بإذن سيده لم أعتقه، سيده فالولاء له، وقال اشهب‏:‏ يرجع إليه الولاء لأنه يوم عقل عتقه لا أذن سيده فيه ولا رد، في النكت‏:‏ نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نقل الولاء وعن هبته‏.‏ والعتق عن الغير كذلك، ولأنه معروف فلا يجد بقوله، قال‏.‏

والجواب عن الأول‏:‏ أنه نهي عن ولاء تقرر الأول وهذا لم يتقرر ابتدأ إلا لمعتق عنه‏.‏

وعن الثاني‏:‏ أن الحق فيه له ولمن بعده ممن يدور الولاء له، فليس له إبطال حق الغير‏.‏ قلت‏:‏ الأوقاف والأموال تنتقل للغير، ومع ذلك القبول شرط، بل الجواب‏:‏ أن العتق غلب فيه حق الله تعالى بدليل أنهم إذا اتفقوا على عدم التقويم لا يصح، قال بعض القرويين فيمن أعتق عن عبد غيره‏:‏ إن ابن القاسم أراد أن سيد المعتق عنه علم بذلك، فلذلك كان الولاء له، ولم يعد لعبده إن اعتق فيصير كعتق العبد بإذن سيده، أما إن لم يعلم حتى عتق العبد‏:‏ فالولاء للمعتق عنه‏:‏ كالعبد يعتق عبدا ولاية السيد حتى يعتق والولاء لمن أعتق عنه ميتا أو حيا، وقد أعتق جماعة من الصحابة سوائب فلم يرثوهم، وكان ميراثهم للمسلمين، وقال عمر -رضي الله عنه -‏:‏ ميراث السائبة لبيت المال، لأن معتقها أعتق من المسلمين، والسائبة المنهي عنها إنما هي عتق الأنعام، والسائبة‏:‏ أن يقول له‏:‏ اذهب فأنت سائبة، يريد‏:‏ الحرية، ولم يختلفوا في

عتق الوصي عن الميت أن ولاءه للميت، وفي ‏(‏الموطأ‏)‏ ‏(‏أن سعد بن عبادة قال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ إن أمي هلكت وليس لها مال، أينفعها أن أعتق عنها‏؟‏ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ نعم‏)‏ فأعتق عنها، وفي حديث آخر‏:‏ أعتق عنها وتصدق، فإنه سبب لها، وأعتقت عائشة - رضي الله عنها -عن عبد الرحمن ابن أبي بكر رقابا كثيرة بعد موته، وكان ولاؤهم لمن يرث الولاء عن أخيها، وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وفي الرقاب‏)‏ هي الرقبة تعتق من الزكاة، فولاؤها للمسلمين، قال محمد‏:‏ وإن أعتق عبده بشرط أن ولاءه لفلان بطل الشرط، وهو للمعتق إلا أن يقول‏:‏ أنت حر عن فلان، وإن قال‏:‏ أنت حر عن فلان وولاؤك لي، بطل الشرط، وهو للمعتق عنه، وإن قلت لمدبرك‏:‏ أنت حر عن فلان، عتق وولاؤه للمعتق عنه، وإن قلت لمدبرك‏:‏ أنت حر عن فلان، عتق وولاؤه لك، لأنه تابع لعقد التدبير، قال ابن القاسم‏:‏ وإن بعت مدبرك بشرط العتق، فأعتقه المشتري، فولاؤه للمشتري، وإن اعتقت أم ولدك عن رجل، نفذ العتق، وولاؤها لك، وكذلك بيعها ممن يعتقها، كما لو أعطاه مالا على عتقها، وقال سحنون‏:‏ يبطل العتق وترد إليك تبقى أم ولد، وإن بعتها بغير شرط العتق فأعتقها المشتري‏:‏ قال محمد‏:‏ ينقض العتق وترجع أم ولد سيدها، ويرد الثمن، بخلاف المدبر لتأكد عتقها، قال اللخمي‏:‏ بيع الولاء لا يجوز للحديث، ولأنه غرر لا يدري هل لا يتبع بارثه وغيره أم لا‏؟‏ وأما الهبة‏:‏ فلأنها هبة لما بعد موت المعتق، فهي هبة لملك الغير، وتختلف، هل يصح فيما يكون في حياة الواهب، لأنه وهب ما يكون من الميراث في صحته، كما لو وهب في صحته ما يرث من أبيه، وقد اختلف فيه، وإن وهب ذلك في مرض المولى صحت الهبة على المشهور، والولاء للمعتق، وأعتقه عن نفسه، وأن يكون المعتق كأصل الحرية ليس مدبرا، ولا مكاتبا، ولا معتقا إلى أجل،

/ 402ولا معتقا بعضه، التساوي في الدين فيكونان مسلمين أو نصرانيين، فإن انحرم أحدهما لم يثبت له الولاء، وعن مالك‏:‏ لا يعتق أحد سائبة، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء وعن هبته، وعن ابن القاسم‏:‏ يمنع ابتداء فإن وقع فالولاء للمسلمين ويتخرج على هذا العتق عن الحي أو الميت، وعن عبد الملك‏:‏ الولاء للسيد دون المعتق‏.‏

في المقدمات‏:‏ منشأ الخلاف في المسألة‏:‏ فالمنع لأنه هبته للولاء، والقائل بالجواز فهم أن مراده‏:‏ جعل الولاء للمسلمين بتداء، ولم يتحقق عند ابن القاسم مراده فكرهه ابتداء، ولو قال‏:‏ أنت حر عني، وولاؤك للمسلمين ولم يختلف أن الولاء له دون المسلمين‏:‏ أو أنت حر عن المسلمين، وولاؤك لي لم يختلف في جوازه وأن الولاء للمسلمين‏.‏

تمهيد‏:‏

قال ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏‏:‏ ولاء السائبة للمعتق‏.‏ لنا‏:‏ ما تقدم، ولأن المعتق ملكهم ملك المسلمين في عتقه، فهو كالوكيل عنهم، كأرباب الزكاة، ولأن الولاء كالنسب، ولما كان له أن يتزوج ويتسرى فيدخل النسب على عصبته بغير اختيارهم فكذلك الولاء، والولاء يرجع للميراث، والإنسان يتزوج فيلد من يرثه المسلمون، احتجوا‏:‏ بأن العرب كانت تسيب الأنعام والعبيد، فنهوا بالآية، ولأنه لو صرح بقوله‏:‏ لا ولاء لي عليك، لم يبطل ولاؤه، وأولى في قوله، أنت سائبة، وعتق الإنسان عن أبيه إنما جاز لأن النسب قد يلحق بأبيه، فكذلك يعتق عنه، والمسلمون يرثون بالدين لا بالنسب، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - ‏(‏الولاء لمن اعتق‏)‏‏.‏

والجواب عن الأول‏:‏ انه لم يعرف عنهم في العبيد‏.‏

وعن الثاني‏:‏ أنا نلتزمه، فإذا قال‏:‏ لا ولاء لي عليك، يكون ولاؤه للمسلمين‏.‏

وعن الثالث‏:‏ أن النسب يلحق أيضا بالمسلمين‏.‏ لأنهم عصبة من لا وراث له‏.‏

وعن الرابع‏:‏ أن الوارث يرث بالدين لا بالنسب، لأنه لو كان كافرا ما ورثه المسلم‏.‏

وعن الخامس‏:‏ أنه مطلق في الأعيان، فحمله على من أعتق عن نفسه، وإلا لزم عتق الوكيل، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ إن أعتق عن الغير بأمره، فالولاء لمن أعتق عنه، أو بغير أمره فالولاء للعتق‏.‏ وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لمعتق مطلقا، لنا‏:‏ ما تقدم، احتجوا‏:‏ بقوله - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏الأعمال بالنيات، وإنما لامريء ما نوى‏)‏ ولأنه إذا أعتق بأمره كأنه مالكه وأعتق عنه بالوكالة‏.‏

والجواب عن الأول‏:‏ أنه لنا، لأنه نوى أن يكون الولاء للمسلمين‏.‏

والجواب عن الثاني‏:‏ أن الإذن ليس شرطا، لأنه لو أعتق عن محجور عليه وقيل‏:‏ وليه ذلك صح، فيفرض من أعتق عن المسلمين بإذن الإمام، فإنه لا ضرر على المسلمين في ذلك، وإذا صح في جميع الصور، لأنه لا قليل يقوت، فإن قيل‏:‏ ولاية اليتيم خاصة، لأنه يتبع ماله، ويخرج جميع ما يلزمه، وولاية الإمام عامة، قلنا‏:‏ يلزمكم أنكم وافقتم إذا مات وعليه كفارة، فأعتق عنه ولده وقع العتق، وكان الولاء للمعتق عنه، ولا أذن للميت‏.‏

قاعدة‏:‏ التقديرات الشرعية‏:‏ إعطاء الموجود حكم المعدوم كما تدعو إليه الضرورة من الجهالة والغرر في العقود، والنجاسات من دم البراغيث ودماء الجراح في العبادات، وتقدير عدم العصمة إذا قال لها‏:‏ أنت طالق اليوم إن قدم زيد غدا، فإن الإباحة حاصلة اليوم إجماعا، فإن قدم زيد غدا قدر رفعها، وكذلك إذا اشترى أمة ووطئها سنة، ثم ظهر على عيبها فردها وقلنا‏:‏ الرد بالعيب فسخ للعقد من أصله، فإن الإباحة السابقة يقدر عدمها،

وإعطاء المعدوم حكم الموجود، كتقديم ملك الدية للمقتول خطأ حتى تورث عنه، فإن الميراث فرع الملك بعد الموت محال، وقبله في الحياة في الدية محال، لأن سببها زهوق الروح، وكتقدير الملك للمعتق عنه، فيقدر أنه ملكه وأعتق عنه بطريق الوكالة وهوسحه فيما إذا أذن له فيكون ذلك الإذن توكيلا في نقل الملك والعتق، أو أعتقه عن كفارته بغير إذنه، فإن كونها واجبة عليه، وظاهر حاله يقتضي القيام بالواجب فهو كالإذن في العتق، فإن لم يأذن فهو مشكل في التطوع، أي أن يلاحظ تغليب حق الله تعالى في العتق عن المسلمين من الزكاة وعن الميت‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إن أعطيته مالا على تعجيل عتق عبده ومدبره‏:‏ لزمك المال، والولاء له، لأنك معين لا معتق، وإن كان العتق إلى أجل امتنع، كأخذ المال على الكتابة أو التدبير، لأنه غرر، وإن أعتقت العبد عن امرأته الحرة فولاؤه لها، ولا يفسخ النكاح، لأنها لم تملكه إلا بدفع مال لك، لأنه شراء، وسوى أشهب، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ فإن وقع الغرر في العتق إلى أجل، أو التدبير أو الكتابة، فيرد ما أخذ من المال، ولا يكون له من ثمنه شيء لفساد العقد، وقال أشهب‏:‏ يمضي ذلك كله ويأخذ المال، لأن الفاسد يثبت بالعتق، قال ابن القاسم‏:‏ إن باعه أن يدبره المبتاع أو يعتقه إلى أجل امتنع، لأن مقصود العتق قد لا يحصل بموت السيد أو العقد أو حدوث الدين، فإن فات بالعتق بذلك، فالولاء للمبتاع، لتقرر الملك له بالقرب، وللبائع الأكثر من القيمة يوم القبض، أو الثمن، لأنه رضي أن يأخذه بذلك، وكذلك إن بعتها على أن يتخذها أم ولد، قال اللخمي في دفع المال ليدبر، ونحوه‏:‏ قال سحنون‏:‏ يوقف المال، فإن حصلت الحرية أخذه وإلا رده، وقول أشهب حسن، لأن هذا يراد به المعروف والتعاون على القرب دون المكايسة، ولذلك يختلف إذا دفعه على الكتابة، وإذا

دفعت الزوجة مالا لسيد زوجها على أن يعتقه، ولم تقل‏:‏ عني، فالولاء للسيد، والزوجية باقية، لأنها لم تملكه، أو قالت‏:‏ عني، فالولاء لها، وانفسخ النكاح عند ابن القاسم، لأنها ملكته، ولا ينفسخ عند أشهب، لأنها لم تسره وإنما أعانت حروفا، وإن قالت‏:‏ أعتقه ولم تقل‏:‏ عني، فالولاء له، والنكاح باق، وإن سألته أن يعتقه عنها، فالولاء لها، وينفسخ النكاح على قول ابن القاسم، لأنها استوهبته دون أشهب، وإن أعتق عنها بغير أمرها فالولاء لها والنكاح ثابت، قولا واحدا‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إن أعتق عن أبيه النصراني فلا ولاء له، وولاؤه للمسلمين، لأنه لا ميراث مع اختلاف الدين، وإن كان العبد نصرانيا فولاؤه لأبيه، وإن أعتق النصراني نصرانيا فأسلم، وللسيد وارث مسلم رجل كأب وأخ وابن عم، فولاؤه له، وإن كان العبد حيا ولا يحجب وارثه، كما لو مات ولد النصراني مسلما ورثه عبته المسلمون، فإن أسلم السيد يرجع إليه الولاء، وإن اعتق نصراني عبدا قد اسلم أو ابتاع مسلما فأعتقه، فالولاء لجماعة المسلمين، ولا يرجع إليه إن أسلم، فإن أعتق نصراني نصرانيا إلى أجل أو كاتبه فأسلم العبد قبل الأجل بيعت الكتابة وأجل المؤجل، فإذا حل الأجل وأدى المكاتب عتق، وولاؤه للمسلمين، لمنع الكفر من التوارث، فإن أسلم رجع إليه لزوال المانع، ولأنه عقد له العتق وهو على دينه، فإن كان العبد مسلما فأعتقه بتلا، أو لزوال المانع، ولأنه عقد له العتق وهو على دينه، فإن كان العبد مسلما فأعتقه بتلا، أو إلي أجل وكتابه، ثم أسلم السيد قبل الأجل، أو أدى الكتابة أو بعد ذلك، فإن أعتق العبد، فؤلاؤه للمسلمين، وإن أسلمت أم ولده فعتقت عليه فولاؤها للمسلمين، فإن أسلم رجع إليه، قال ابن يونس‏:‏ إذا أعتق نصراني من العرب من بني تغلب عبدا نصرانيا، ثم أسلم، فميراثه لعصبة السيد المسلمين، وجناية العبد بعد إسلامه يعقلها

من تغلب‏.‏

وقال أشهب‏:‏ إذا أعتق النصراني الذمي نصرانيا فأسلم العتيق، ثم جنى وسيده نصراني، لا يلزم ذلك ورثه السيد المسلمين، ولاقرابته، ولاسيده إن أسلم، بل بيت المال، لأنه لو أسلم سيده ثم جنى خطأ يبلغ ثلث الدية فأكثر، لم يكن على عصبته وقومه شيء، بل بيت المال، بخلاف القربى، وإذا دبر النصراني نصرانيا ومات السيد على النصرانية، عتق في ثلثه، وولاؤه للمسلمين، إلا أن يكون لهذا النصراني ورثة مسلمون، فإن حمل الثلث نصفه رق باقيه، وإن كان ورثته نصارى بيع عليهم ما رق، وولاء ما عتق للمسلمين، وإن كانوا مسلمين‏:‏ فما رق للمسلمين، لأن ورثته لا يرثونه، وإن لم يكن له وأرث‏:‏ فما رق للمسلمين، والفرق بين ماتركه النصراني من الموالي، وما تركه من مال‏:‏ أن المالي كولد حدث له فأسلم، لأن الولاء كالنسب، فإخوته المسلمون يرثونه، فكذلك يرثون الموالي، والمال يورث عنه إن كان على دينه لأن شرط التوارث اتحاد الدين، وإنما كان بيت المال يرث ما تركه النصراني من ولده المسلمين،

لأن السنة مضت أن يرثه عصبته المسلمون، فصار كمن لا وارث له، وإذاأعتق الكافر المسلم لا يرجع إليه الولاء إذا أسلم، لأنه يوم أعتق لم يكن له ولاء، وإن أعتقه على دينه فولاؤه له، لأنه يجوز له ملكه فيرجع إلى الاباء بالإسلام، وإن أسلمت أمته فأولدها بعد إسلامها عتقت عليه، وولاؤها للمسلمين، ولا يرجع إليه، لأنه أولدها بعد إسلامها، ويمتنع عليه ملكها، ولو أسلم قبل أن تعتق عليه لبقيت في ملكه وتعتق من رأس ماله بعد موته وولاؤها للمسلمين، كما لو دبر عبده أو كاتبه بعد إسلامه فلم يؤجل المدبر، ولا بيعت كتابة المكاتب حتى أسلم السيد، فإنهما يبقبان على حالهما بيده، فإذا عتقا فولاؤهما للمسلمين لأنه عقد لهما ذلك، وهم مسلمون، وقال ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏‏:‏ إن أسلم العبد فأعتقه قبل بيعه عليه فولاؤه له، لأنه أعتق قبل زوال ملكه، والولاء لمن أعتق‏.‏

وجوابه‏:‏ منعنا من بيعه عليه بعتقه ليبقى له الولاءفيمنع من الولاء كالملك، وإذا أعتق المسلم نصرانيا‏:‏ قال مالك‏:‏ يرثه ولده الذى على دينه دون أخيه وغيره، لأن الولد مولى من عتق أبوه، وعنه‏:‏ لايرثه ورثته الكفار، بل المسلمون، وعنه‏:‏ يرثه ابنه وأبوه دون غيره، وعنه‏:‏ يرثه إخوته، قال ابن القاسم‏:‏ يرثه كل وارث من القرابة، وقال المخزومي‏:‏ لا يرثه مولاه أبدا، بل ولده وإلا فمن أخذ ميراثه من النصارى، فإن لم يطلب ميراثه أحد، أوقفناه في بيت المال، ولا يكون فيئا فتخلص إن لم يترك ورثةـ ثلاثة أقوال‏:‏ ماله للمسلمين دون الورثة، لولده خاصة، لأبيه وابنه، لهما ولأخوته، لكل من يرث من القرابة، لولده خاصة، لأبيه وابنه، لهما ولأخوته، لكل من يرث من القرابة، وهو مذهب المدونة، قال ابن القاسم‏:‏ إذا كاتب المسلم عبده النصراني، وكاتب المكاتب عبدا له، ثم أسلم الأسفل، أو جهل بيع الكتابة حتى أديا جميعا فعتقا، فولاء الأعلى لسيده، ولا يرثه لاختلاف الدين، بل المسلمون، وإن أسلم ورثة السيد عند عدم القرابة، وولاء الأسفل للسيد الأعلى ما دام سيده نصرانيا، ولو ولد للمكاتب الأعلى ولد بعد العتق فبلغ وأسلم، ثم مات ورث مولى أبيه، وإن أعتق عبيدا مسلمين وماتوا ورثهم بيت المال، لأن ولاءهم لم يثبت لهذا النصراني حين أعتقهم فيجره إلى سيده، فإن أسلموا بعد العتق ورثهم السيد سيد مولاهم، أو ولد مسلم إن كان لهذا المكاتب النصراني، وكل من لا يرجع إلى النصراني ولاؤه إذا أسلم، فليس لسيده من ذلك الولاء شيء، فكل ولاء إذا أسلم رجع إليه فذلك الولاء ما دام نصرانيا لسيده الذي أعتقه، قال اللخمي‏:‏ إذا أعتق النصراني نصرانيا فله ولاؤه، ويعقل عنه أهل جزيته، فإن مات معتقه، ثم مات العتيق، ورثه من له الولاء عند أهل دينه‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ يمتنع عتق المكاتب والعبد وتدبيرهما بغير إذن السيد، وللسيد رد ذلك، لأنه تنقيص لماله، فإن ردهم يلزمهما إذا أعتقا، لأن رد السيد فسخ، وإن لم

يعلم حتى عتقا نفذ، والولاء لهما لعدم الفسخ، إلا أن يستثني السيد مال عبده عند العتق، ويرد فعل العبد، ويرجع معتق العبد رقيقا للسيد، وما أعتقا بإذن السيد جاز، والولاء للسيد، لأنه كالمعتق في المعنى بإذنه، وإذا أعتق المكاتب رجع إليه الولاء، لأنه ليس له انتزاع ماله، وإن عتق العبد لا يرجع إليه الولاء، وأم الولد في العتق كالعبد، لأنها رقيق، وله انتزاع مالها، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ إذا علم السيد ولم يرد هو كعدم علمه كالأخذ بالشفعة والرد بالعيب، وأصل مالك‏:‏ ان من له انتزاع ماله، فولاء من أعتق بإذنه، ومن لا فلا، كالمكاتب، فإن أعتق المدبر وأم الولد في مرض السيد بإذنه‏:‏ فقال أصبغ‏:‏ الولاء لهما لتعذر نزع المال حينئذ، وقيل‏:‏ للسيد، لأنه لو صح انتزاع، وقاله أشهب في المعتق بعضه يعتق بإذن سيده ولا يرجع، وإن امتنع النزع، وخالفه ابن القاسم، وقال محمد‏:‏ عتق المدبر وأم الولد بإذنه في المرض موقوف، إن مات فالولاء لهما، وإلا فله، لكشف الغيب عن امتناع النزع وجوازه، وكذلك المكاتب يعجز ثم يعتق لا يرجع إليه الولاء لانكشاف الغيب عن امكان النزع، فإن أعتق عبد مشترك فيه عبدا بإذن أحد الشريكين ولم يعلم الآخر حتى اعتقاه، أن ولاء ذلك العبد دون سيديه ما بقي العتيق أو عصبته الأحرار، لتعذر النزع في المال على السيد دون الآخر، قاله ابن القاسم‏.‏

وفي العتبية‏:‏ إن أعتق المعتق بعضه بإذن من له فيه الرق فالولاء بين المعتق لبعضه والمتمسك نصفين، فإذا عتق رجع إليه، وإن اعتق نصفه فله رد عتقه، قال مالك‏:‏ إن أعتق المدبر أو الموصى بعتقه بعد موت السيد وقبل التقويم في الثلث، وقف عتقه، فإن خرجا منه انعدما، أعتقا أو جنيا بعتقه، وإن خرج البعض رد العتق كله لتعين الحج‏.‏

قال ابن القاسم في الكتاب‏:‏ إن أعتق المكاتب عبده على مال العبد امتنع، لأن له انتزاعه وإلا جاز على وجه النظر، لأن له مكاتبه عبده على وجه النظر، وإن كره السيد، فإذا أدى المكاتب كتابته، فله ولمكاتبه وإلا فللسيد، وفي الكتاب‏:‏ قلت للمكاتب‏:‏ إعتق عبدك على ألف ولم

تقل‏:‏ عني جاز، إن كان الألف ثمن العبد أو أكثر، والولاء للمكاتب إن عتق وإلا فللسيد، ولاشيء لك، لانك معين لا معتق، وإن حابى المكاتب المشتري حين قال له‏:‏ أعتقه، ولم يقل‏:‏ عني، لم يكن للسيد إلا إجازة ذلك، أو يرده، أو ينقص العتق، والفرق‏:‏ وأنه إذا قال‏:‏ أعتقه عني فكأنه اشتراه وأعتقه، فوجب عليه غرم المحاباة، وإن لم يكن له مال رد من عتق العبد، بقدرذلك، لأنه دين قبل العتق، وإذا لم يقل‏:‏ عني، فإنما دفعت المال ليعتقه عن نفسه، فهو كعتقه، فإما يجيزه السيد أو يرده، واما رغبة في أنك اشترطت عليه الولاء لك، وأنك قلت له‏:‏ عني، صدق مع يمينه، فإن نكل حلفت ولك الولاء، قال اللخمي‏:‏ وإن أعتق العبد بغير إذن سيده، فعلم به فأجازه، فهو كالعتق بإذنه، وإن علم ولم يرد فقولان، وقيل‏:‏ إذا لم يعلم حتى عتق العبد‏:‏ فالولاء للسيد، وإذا أعتق المكاتب فمات العتيق قبل العجزوالأداء ورثها السيد الأعلى إن لم يكن له نسب دون المكاتب، ولا يجر الولاء حتى يستكمل الحرية، فإن بعد الأداء وموت المكاتب الذي هو سيده الأدنى، ورثه الولد الذين كانوامعه‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ اذاكاتب المسلم عبده النصراني وكاتب المكاتب عبدا له نصرانيا، ثم أسلم الأسفل، فلم تقع الكتابة وجهل ذلك حتى أديا جميعا فعتقا، فولاء الأعلى لسيده، ولا يرثه لاختلاف الدين، ويرثه المسلمون، ولو أسلم كان ميراثه لسيده، وولاء الأسفل للسيد الأعلى ما دام سيده نصرانيا، وإن ولد للمكاتب الأعلى بعد العتق ولد فبلغ وأسلم ومات، فولاؤه لورثة مولى أبيه، وأما إن أعتق عبدا مسلما ومات عن مال ورثه المسلمون، لأنه لم يثبت له ولاؤه فيجره للسيد، وإن تأخر إسلام العبد

بعد عتقه، ورثه سيده أو ولده المسلم إن وجد لهذا المكاتب النصراني، وكل من لا يرجع إلى النصراني من ولائه شيء إذا أسلم هو، فليس لسيده الذي أعتقه‏.‏

فرع قال‏:‏ إذا أعتق حاملا من زوج حر، فولاء جنينها للسيد، لأنه المعتق، وقال عطاء بن أبي رباح‏:‏ ميراثه لأخيه، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ إذا أعتق أمته لحامل من العبد، ووضعته بعد العتق، ثم حملت بآخر ولدته‏:‏ فميراث الولدين لمعتق الأب والأم يرثهما جميعا بالنسب، فإن مات قبلها ثم مات بعده ورث الأول مولى الأم، والثاني مولى الأب‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ قال يحيى بن سعيد‏:‏ إن تزوج أمة بغير إذن سيده فأولدها فعتق الولد قبل أبويه، ثم عتقا، فيرثاه ما بقيا، قال مالك‏:‏ فإن مات فولاء الولد لمن أعتقه، ولا يجر الوالد ولاء ولد لسيده، وإنما يجر إليه ولاء ولده من زوجته الحرة، وأما الأمة فولاؤهم لمعتقهم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏إنما الولاء لمن أعتق‏)‏ قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ وما ولد للمدبر أو المكاتبة من زوج حر أو مكاتب‏.‏ فمنزلتها ولاؤه لسيدها دون سيد الأب، قال ابن القاسم‏:‏ وكذلك لو وضعته المكاتبة بعد الأداء إذا مسه الرق في بطنها، لأن الأم أقوى في تبعية الولد، بدليل الرق للحرية، وإذا مات مكاتب وترك ولدا من زوجة حرة‏.‏ وولدا آخر حدثوا في الكتابة من امته، وترك وفاء الكتابة أو لم يترك، فأدى عنه ولده الحادث في الكتابة، فلا يجر إلى سيده ولا ولده الأحرار في الوجهين، لأنه مات قبل تمام حريته، ولا يجر الولد الحادث في الكتابة إلى السيد

ولاء إخواتهم، قال مالك‏:‏ فإن كاتب المكاتب عبدا له، ثم هلك المكاتب الأول وترك ولدا حدثوا في الكتابة، أو كاتب عليهم، وولدا أحرارا فأدى ولده الذين في الكتابة، كان ولاء المكاتب الأسفل إذا ادى لولد المكاتب الأول الدين في الكتابة دون ولده الأحرار كفاضل ماله، قال عبد الملك‏:‏ ولا الأسفل للسيد الأعلى دون ولد المكاتب الذين أدوا بقية الكتابة بعد موت أبيهم، لأن أباهم مات قبل تمام حريته، قال ابن القاسم‏:‏ وإن أدى المكاتب الأسفل قبل الأعلى، ثم أدى المكاتب الأعلى لرجع إليه ولاء مكاتبة الأسفل عند مالك، لأنه كان حائزا لماله ونفسه‏.‏

فرع قال اللخمي‏:‏ إن دبر العبد أمته بغير أذن سيده فأجاز أو أذنه فذلك انتزاع، والولاء للسيد الأعلى، ويعتق من رأس ماله، والعتق معلق بحياة العبد، ويحرم عليه وعلى السيد وطؤها، فإن لم يعلم حتى عتق العبد فعلى القول أن الولاء للعبد يكون يعتق من ثلثه، والولاء له، ويجوز له وطؤها، وإن دبر المعتق إلى أجل قبل قرب أجله بإذن سيده، فهو انتزاع، وهو عتق إلى أجل، وإن قرب الأجل وامتنع نزع ماله فهو تدبير، فإذا انقضى الأجل عتق بموته من ثلثه، وإن دبرت أم الولد في صحته بإذنه فهو معتق إلى أجل من رأس مال السيد الأعلى، والعتق معلق بحياتها، أو في مرضه فهو مدبر معتق من ثلثها، وأعتقت بعد موت سيدها، ثم ماتت، ثم مات المولى، فولاؤه لولدها دون ولد سيدها، فإن لم يكن فلولد سيدها، لأن ولدها يرث بالنسب، وولد السيد بالولاء، وإن دبر المكاتب خير سيده بين الإجازة والرد، وإن أجاز المكاتب من الوط ء خوفا أن يعجز فيكون معتقه إلى أجل، فلا يحل لواحد منهما، فإن أديا كتابته كانت مدبرة يعتق من ثلثه، ولا يمنع عنها، وإن دبر المعتق بعضه بإذن من له فيه رق فهو مدبر، لامتناع نزع ماله، ويجوز له الوطء، فإن مات عتقت من ثلثه، وأخذ المتمسك بالرق الباقي وهو الثلثان، لأنه مات المعتق بعضه قبل تمام حريته، وكل موضع يصح فيه التدبير يكون الولاء فيه للسيد الأسفل، وإلا فمعتق إلى أجل، والولاء للأعلى‏.‏

في الكتاب‏:‏ إذا أسلم عبد الحربي، وخرج إلينا وأسلم بعد خروجه فهو حر، وولاؤه للمسلمين لزوال الملك عنه بالخروج، وإن أسلم سيده بعده وقدم لم يرده في الرق، ولم يرجع إليه الولاء، فأما إن أعتقه ببلد الحرب، ثم أسلم العبد وخرج إليها، ثم خرج سيده فأسلم، رجع ولاؤه إليه إن ثبت عتقه إياه بشهود مسلمين، لثبوت الملك وقت العتق، وإن قدمت جاريته بأمان فأسلمت فولاؤها، للمسلمين، فإن سبي أبوها بعد ذلك فعتق وأسلم جر ولاءه لمعتقه، لأنه يملك ولاءها أحرورة تقدم فيها أو في ابنتها، وقال سحنون‏:‏ لا يجر الأب ولاءها، لأنه قد ثبت للمسلمين‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ إن قدم التاجر فأسلم فقدم أبوه بعده، وشهد مسلمون أنه أبوه، لحقه نسبه‏.‏

قال أشهب‏:‏ عتق الحربي في دار الحرب باطل، ولا ولاء له به، وإنما أعتق هذا العبد خروجه إلينا، ولو مات عندنا بعثنا بتركته إليه، لأن القاعدة‏:‏ أن عتق النصراني باطل، إلا أن يسلم أحدهما، وإنما يصح كلام أشهب إذا أسلم العبد بعد خروجه، وعليه يدل كلام محمد، أما قبل خروجه فينتقي الوفاق عليه، لأن أشهب يجعله حرا بإسلامه، وإن لم يخرج إلينا ولم يعتقه سيده فكيف إذا أعتقه، فيكون ولاؤه لمولاه، لأنه أعتقه وهو على دينه، فإذا قدم مولاه فأسلم رجع إليه ولاؤه في قول ابن القاسم وأشهب، وإن

أسلم عبد الحربي بيده‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لا حرية له إلا أن يخرج قبل سيده فيكون حرا بخروجه، فإن جاء سيده فلا ملك له، ولا ولاء له، أو جاء سيده قبله كافرا أو مسلما كان له رقا، وكذلك لو تقدم معه يوم يبيعه من مسلم إن لم يسلم، وذلك أنه خرج قبل سيده فقد غنم نفسه كما لو غنم غيره، وإن أسلم سيده قبل خروج العبد الذي أسلم لبقي ملكه عليه، وإن خرج العبد قبله، وجعله أشهب حرا بإسلامه، قال‏:‏ لو صح ذلك ما كان ولاء بلال لأبي بكر - رضي الله عنهما-، وقد أعتقه قبل إسلامه، فاضطر أشهب إلى أن قال‏:‏ لم يكن ولاؤه لأبي بكر، وقد قال مالك‏:‏ بلغني أن بلال طلب الخروج إلى الشام في الجهاد فمنعه أبو بكر -رضي الله عنهما -، فقال له بلال‏:‏ إن كنت اعتقتني لنفسه فاحبسني، أو أعتقتني لله فخل سبيلي، فقال له‏:‏ خليتك‏.‏ وهو يؤيد قول ابن القاسم، قال أشهب‏:‏ لو أسلم سيده بعده بساعة ما كان له ولاؤه حتى يسلم قبله أو معه، واتفق ابن القاسم وأشهب إن دخلنا دار الحرب وقد أسلم العبد وحده أنه بذلك حر، قال ابن القاسم‏:‏ وذلك استحسان ولايته لخروجه إلينا، قال ابن القاسم‏:‏ إن أسلم ولد الذمي قبل أبيه فلحق الأب بدار الحرب ناقضا فيسبى ويباع ويعتقه المبتاع ويسلم، لا يجر ولاء ولده إلى معتقه لأنه ثبت للمسلمين، وهو شبه قول سحنون في الحربية التي قدمت بأمان، قال‏:‏ ويحتمل الفرق، وعند ابن القاسم‏:‏ أن ملك ابن الحربية ملك مجمع عليه، فإذا أعتق قوي في جر الولاء، وملك الذمى الناقص مختلف فيه لأن اشهب يقول‏:‏ هو حر يمتنع استرقاقه، وإن ولاء ولده قائم للمسلمين‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إذا أعتق الذمى عبدا له نصرانيا فأسلم ولحق السيد بدار الحرب ناقضا للعهد فسبي، ثم أسلم رجع إليه ولاؤه، ولا يرثه لما فيه من الرق، بل المسلمون إلا أن يعتق قبل موته، ولا يرثه سيده الذي استرقه ما دام هو في الرق، ولا يشبه ذلك المكاتب الأسفل يؤدي قبل الأعلى، ثم يموت عن مال، هذا يرثه السيد الأعلى، لأنه قد أعتقه مكاتب هو في ملكه، وهذا أعتق هذا، وهو حر قبل أن يملكه هذا السيد، فإن عتق فولاؤه له ولا يجره إلى معتقه الآن‏:‏ وإنما يجر إليه ولاء ما يعتق أو يولد له من ذمي قبل، فأما ما تقدم له فاسلم قبل أن يؤسر فلا يجر ولاءه لمعتقه لأنه ثبت للمسلمين، ولو صار هذا حين سبي في سهم عبده الذي كان أعتقه فأعتقه، ثم أسلم هو أيضا، فولاء كل واحد منهما وميراثه لصاحبه‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ قال محمد في عتق الذمي ثم يهرب‏:‏ أنه يجر ولاء من أعتقه، وولاء ما كان أعتق قبل لحوقه بدار الحرب، وهو خلاف المدونة كجوابه في الحربية وهما سواء لم يملك ولاءهم أحد، وإن هرب ثانية لدار الحرب وجاوب فسبي وبيع فأعتقه مشتريه، فولاؤه آخرا، ولا يجره إليه، ولا ما عتق قبل لحوقه الثاني لدار الحرب، ولا ولاء ولده، لأن ولاءهم لمعتقهم أولا، ولكن ما أعتق من الآن أو ولد له، وفي المدونة‏:‏ إن أعتق المسلم عبده النصراني فنقض العهد بغير عذر، وسبي واشتري فأعتق، فولاؤه للثاني، وما تقدم من ولد من حرة أو أعتق من عبد قبل نقضه‏:‏ فولاؤهم للأول، لأن الولاء نسب ثابت، وهولاء لم ينقضوا العهد فينتقض ولاؤهم وحريتهم كالعبد يتزوج حرة فيولدها، والأملاك تتداوله حتى يعتق، فؤلاء أولاده لمعتقه، وقال أشهب‏:‏ ناقض العهد يرد معه إلى حريته إلا ولاء أولاده، والفرق عند ابن القاسم بين هذا وبين القادمة بأمان فتسلم فيصير ولاؤها للمسلمين، ثم يسبى أبوها ويعتق أنه يجر ولاؤها،

لأن هذه لم يملك ولاءها أحد مسه عتق، ولو سبي أولا فعتقت لبقي ولاؤها، ولا من أعتقت كمعتقها ولا منتقل إلى معتق أبيها، وإذا قلنا بما في الكتاب‏:‏ إذا سباه عبده فأعتقه وصار ولاء كل واحد لصاحبه، قال محمد‏:‏ إن مات أحدهما ورثه الباقي، وميراث الباقي للمسلمين، وقال أشهب‏:‏ يرجع الأول حرا ويرد إلى ذمته، وله ولاء مولاه، وعلى القول الأول يجر إلى معتقه الآن ولاء ما تقدم له من عتق أو ولد من حرة إن لم يمس رقبته، ولا عتق، أما لو مسه فلا يجر ما تقدم له من ولاء عتق أو ولد إلى معتقه أحدا‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إذا أعتق المسلم نصرانيا فلحق بدار الحرب ناقضا للعهد فسبي وهو فسيء، فإن عتق فولاؤه لمعتقه أخيرا، فإن أعتق فصار قبل لحوقه أو تزوج حرة نصرانية فولدت منه أولادا ثم أسلموا فولاؤهم لمولاه الأول، لأن ذلك قد ثبت له، وولاؤه هو وولاء ما تولد له أو يعتق من الآن لمولاه الثاني، ولا يجر إليه ما قبل الرق الثاني‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إذا ردت شهادته بالعتق، ثم اشتراه أوصى ابنه بعد موته أنه أعتق عبدا في وصيته، ثم ورثه عنه مباشرة، أو أقر بعد الشراء أنه حر، أو أن البائع أعتقه والبائع منكر، أو قال‏:‏ كنت بعت عبدي منك فأعتقته وأنت تحجد

عتق العبد في ذلك كله بالقضا وولاؤه لمن يزعم أنه أعتقه مؤاخذة بالإقرار، أو أقر أنها أم ولد لبائعها له، حرم عليه وطؤها، ولا يعجل عتقها حتى يموت البائع، إذ لعل يقر بذلك فتعود له‏.‏

في التنبيهات‏:‏ قال أشهب‏:‏ إن أقر أنه باعه من فلان فأعتقه لا يعتق عليه إلا أن يقر بعدما اشتراه، حينئذ يكون إقرارا على نفسه، وفي النكت إذا أقر أن بائعه له أعتقه، والبائع منكر، عتق على المشتري، لإقراره، زاد ابن يونس‏:‏ وولاؤه للذي قضي عليه بالعتق، وإذا مات العبد عن مال فللمشتري منه مقدار ثمنه، وباقي المال يكون للبائع إن إدعاه، وإلا كان موقوفا، فإن ترك أقل من الثمن فليس له غيره، فإن مات البائع أو لا قبل العبد، ثم مات العبد ولم يترك البائع مالا فليس للمشتري من مال العبد شيء، لأنه يورث بالولاء ولم يظلمه الوصية، ولا الثمن في ذمة من ظلمه، والثمن على البائع، إنما يلزم تركته ولم يترك مالا، فلا شيء له، فإن ترك البائع مقدار الثمن لم ياخذ الورثة ما ترك العبد حتى يرثوا الثمن، أو مقدار ما ترك البائع‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ إن قال الشاهد‏:‏ كنت شهدت بباطل، قال أشهب‏:‏ لا أعتقه عليه بعد تحليفه، فإن نكل عتق عليه، وولاؤه للمشهود عليه، وإذا مات المشهود بعتقه بعد المشهود عليه، لا يرثون الولاء كالنساء، ويرثه المسلمون، ولا شيء للشاهد من تركة الميت، لأنه منكر، وكذلك إن كانوا يوثون الولاء، وترك العبد من يرثه بالنسب فلا شيء للشاهد من التركتين، وإذا اشترى عبدا فأقر أن بائعه أعتقه وتركه المعتق قبل موت المشهود عليه أو بعده كما تقدم فمن ردت شهادته لعتقه، ثم اشتراه، وإذا قال‏:‏ كنت بعت عبدي هذا ابن فلان فأعتقه وهو يجحد، والمشتري ملي بالثمن، لم يسترقه البائع ويحكم عليه بعتقه، أو معدما ولا فضل في قيمته فلا بأس باسترقاقه، وإذا أنها أم ولد البائع،

فماتت عن مال قبل موت البائع، أخذ هذا منه قدر الثمن والباقي للبائع إن أقر، وإلا وقف، وإن مات قبلها فما تركت لمن يرث الولاء عن البائع كما تقدم في العبد، قال بعض شيوخنا‏:‏ نفقتها في الإيقاف إن عجزت عن نفقة نفسها على البائع، لأنها وقفت له، فإن أبى عتقت عليه، وكذلك أم ولد الذمي إذا وقفت له‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ وعندي أن نفقتها على المشتري لأنها في ضمانه، فهو يدفع بإقررها النفقة عن نفسه، ورد ثمنها فلا يقبل منه فيها، ولأنه ظالم في شراها، والظالم أحق أن يحمل عليه، بخلاف أم الولد الذمي فإن نفقتها كانت على سيدها، وليست بمتعدية في إسلامها، وملكه باق عليها‏.‏ قال اللخمي‏:‏ إذا كان ورثة البائع رجالا ونسات، فللمشتري الأقل من ثلث ما خلفه العبد، أو الثمن، أو ما ينوب الذكور من الميراث، وقيل‏:‏ يأخذ جميع الثمن لإقرارهم أن الذي أخذه السيد أخذه بغير وجه، والميراث مؤخر عن الدين، فإن كان وارث الولاء عصبة أو بنون ولم يترك للبائع مالا، فلعصبته جميع ما خلف الولي، ولا شيء للمشتري، وإن كان ورثة السيد نساء وأحطن بجميع تركته، وورث الولاء عصبته لم يكن للمشتري شيء، وإن شهد أحد الشريكين على الآخر أنه أعتق نصيبه من العبد وهو موسر‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يعتق، وقال غيره‏:‏ لا يعتق، قال اللخمي‏:‏ إنما يصح العتق على القول بالسراية دون القول أنه لا يعتق بالقيمة، لأنه لا يعتق نصيبه إلا بعد أدائها‏.‏

فرع في الكتاب‏:‏ إذا أعتق المكاتب عبده على مال العبد امتنع، لأنه قادر على

انتزاعه، وإن لم يكن له جاز على وجه النظر، فإن كره الس، فإن أدى فله ولا مكاتبه، أو عجز فالولاء لسيده‏.‏

فرع قال‏:‏ إن قلت لمكاتبك أو المأذون له‏:‏ أعتق عبدك هذا عني ولك ألف درهم، جاز لأنه بيع، وبيعهما جائز‏.‏

فرع قال‏:‏ ولد المدبرة والمكاتبة من زوج حر أو مكاتب لغير سيدها مثلها في الرق والحرية، وولاؤه لسيدها دون سيد الأب، وكذلك إذا وضعته بعد الأداء إذا مسه الرق في بطنها، لأن من أعتق أمته وهي حامل من زوج عبد فولدته بعد العتق، أن ولدها حر، وولاؤه لسيدها‏.‏

فرع قال‏:‏ عبد مسلم بين مسلم وذمي فأعتقاه معا، فولاء حصة الذمي للمسلمين لاختلاف الدين، أو نصرانيا فنصف جنايته على بيت المال لا على المسلم، لأنه لا يرثه، ونصفها على أهل خراج الذمي الذين يؤدون معه، وإن اسلم العبد بعد العتق، ثم جنى فحصة الذمي على المسلمين، لأنهم ورثوا حصته، والنصف على قوم المسلم، لأنه صار وارثا لحصته منه، فإن أسلم الذمي رجع إليه ولاء حصته ثم تكون جناية الخطأ نصفها في بيت المال ونصفها على قوم المسلم‏.‏

في النكت‏:‏ قيل في المشترك بينك وبين الذمي‏:‏ عليه نصف الجزية، وهو النصيب الذي يخص النصراني، قال ابن يونس‏:‏ يريد في الجناية إنها تبلغ ثلث ديته، أو ثلث دية المجني عليه‏.‏

فرع قال‏:‏ إن عتق العبد من الزكاة، فولاؤه وولاء ولده من الحرة للمسلمين لعتقه من مالهم، وعقل موالي المرأة على قومها، وميراثها إن ماتت لولدها الذكور، وإن لم يكن فلذكور ولدها دون الإناث، وينتهي مولاها إلى قومها كما كانت هي تنتهي، فإذا انقرض ولدها وولد ولدها ورثتها مواليها لعصبتها الذين هم أقعد بها يوم يموت المولى دون عصبة الولد، قاله عدد من الصحابة‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ ما أعتقه عن كفارته فولاؤه له، لأنه استحدث ذلك على نفسه، فهو كإحداث العتق، والزكاة أوجبها الله للفقراء، ويكتب المعتق من الزكاة أو سائبة في شهادته‏:‏ فلان مولى المسلمين ابن فلان، ولا يكتب فلان بن فلان مولى المسلمين، ليلا يدخل أباه في ولاء المسلمين، قال مالك في الكتاب‏:‏ ومن أسلم وكان ولاؤه للمسلمين فتزوج امرأة من العرب، أو من الموالي معتقه، فولدت، فولاء الولد للمسلمين، والواد ها هنا تبع للأب، فإن مات الأب، ثم مات ولده، فميراثه للمسلمين، وكل معتقة أو حرة من العرب تزوجها حر عليه ولاء حر، ولده منها لمواليه، ويرث ولده من كان يرث الأب إن كان الأب قد مات‏.‏

وفي الموازية‏:‏ إذا مات أبوه ورثته أمه وأخوته لأمه، للأم السدس، ولأخوته الثلث، والباقي لبيت المال إن كانت أمة عربية، أو لمولاها إن كانت معتقة‏.‏

فرع إذا تزوجت الحرة عبدا فولدت منه، فولاء الولد لموالي الأم ما دام الأب عبدا، فإن عتق الأب جر ولاءهم لمعتقه كولد الملاعنة ينسب لموالي أمه يرثونه ويعقلون عليه، فإذا اعترف أبوه وانتقل الولاء لمواليه‏:‏ فإن كان لولد العبد من الحرة جد أو جد قد عتق قبل الأب جر ولاء الولد لمعتقه، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ لو أن ولد هذا من الحرة كبر فاشترى أبواه فشق عليه،

لكان ولاء هذا الأب لابنه يجره لموالي أمه كما لو اشتراه غير الابن فأعتقه فجر ولاءه لمواليه، فولاء الأب هاهنا وولاء ولده لموالي أم ولده التي أعتقها، قال اللخمي‏:‏ ميراث موالي المرأة لعصبتها‏:‏ وعقلهم على قومها هذا مع عدم الولد، واختلف في ميراث ولدها منهم قاله مالك، ومنعه ابن بكير؛ لأن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قاله، وسنة الصحابة والتابعين‏:‏ ولاء ولد الحرة المعتقة إذا كان زوجها عبدا لموالي أمه ما دام أبوه عبدا فإذا عتق جره إلى مواليه، فإن لم يكن له أب، فمعتق أبيه فإن لم يكن فالمسلمون، قاله ابن القاسم في الكتاب، وقال محمد‏:‏ إذا عدم المولي فمولى الأم بيت المال عند مالك، وقال محمد‏:‏ معتق الأم، فهذا جواب الولاء فيمن أعتق، وأما من أعتق من أعتقن فلهن ولاء المعتق الأسفل ذكرا أو أنثى، وأما ولده فإن أعتق عبدا وأمة، ثم أعتق ذلك العبد المعتق أو الأمة عبدا أو أمة فولاؤهم للأعلى فإن عدم فللأسفل، فإن كان الأسفل عبدا جر ولاء أولاده لمعتق معتقه ذكورهم وإناثهم، وإن كان الأسفل أمة فولاء ولدها لمعتق زوجها ذكورهم وإناثهم، ولا يجرهم لمعتقها ولا لمعتق معتقها‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إن اشترى بنتان أباهما فعتق عليهما ورثتا منه بالنسب الثلثين، والثلث بالولاء إن لم يكن عصبة، فإن ماتت إحداهما قبله فمالها لأبيها، فإن مات بعد ذلك فللابنة الأخرى النصف بالفرض ونصف ما بقي بما أعتقت منه، فإن كانت واحدة واشترى الأب بعد عتقه ابنا له فعتق عليه ثم مات الأب ورثه الابن والابنة للذكر حظ الأنثيين فإن مات الابن ورثتا النصف بالنسب والنصف بالولاء؛ لأن الابن مولى من أعتقت، قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ ابن وابنة اشتريا أباهما ثم أعتق الأب عبدا، ثم مات الأب، ثم مولاه فميراث الأب بينهما على الثلث والثلثين،

وميراث المولى للابن وحده، وكذلك لو كانت البنت معتقة الأب كله؛ لأنه إنما يورث بالولاء إذا عدم النسب، وولد الرجل يرث مواليه دون من أعتق أباه، فإن اشترى الابن وأجنبي الأب فأعتقاه فمات عن مواليه فميراث الابن وحده دون الأجنبي؛ لأنه لا يورث بالولاء مع النسب فإن مات في المسألة الأولى الابن أولا فورثه أبوه، ثم مات عن موالي فللبنت من أبيها النصف، ونصف النصف بالولاء؛ لأنها أعتقت من الأب النصف، والربع الباقي لأخيها فهو مولى ابنه، ومولى أبيه هو وأخته فلها نصف ذلك الربع، فيصير لها سبعة أثمان، والثمن الباقي لموالي أم أخيها إن كانت أمة معتقة، وإن كانت عربية فلبيت المال فإن مات مولى أبيها فلها منه النصف، والنصف الباقي لأخيها فهو لمولى أبيه، وموالي أبيه هو وأختها فلها نصفه يصير لها ثلاثة أرباع ميراث المولى، ولموالي أم أخيها الربع، قال محمد‏:‏ وإن اشترى ابنتان أباهما فماتت إحداهما، ولا يرث غير أختها فلها النصف بالرحم، ونصف النصف بالولاء بما جر إليها الأب، والربع الباقي لموالي أم أختها‏.‏

وعن ابن القاسم‏:‏ تأخذ سبعة أثمان ما تركت‏:‏ النصف بالرحم، والربع بشركة الولاء، والثمن بجر الولاء إليها، قال عبد الملك‏:‏ وهو غلط فإن ماتت الثانية ولا وارث لها‏:‏ فنصف ميراثها لموالي أبيها، والنصف لموالي أختها فإن ماتت إحداهما، ثم مات الأب وترك الثانية‏:‏ فلها ستة أثمان الميراث‏:‏ النصف بالرحم، ونصف الباقي بعتق أبيهما، ولأخيها نصف يكون لموالي أبيها وهم‏:‏ هي وإخوتها فتأخذ الحية نصفه، ويبقى الثمن لموالي أم الميتة، وإن كانت عربية فلبيت المال، فضابط هذا الباب على كثرة مسائله‏:‏ أن يقسم لمن يرث بالنسب، فإن استكمل فرعت المسألة، وإن لم تستكمل كما لو ترك بنات أو أخوات فيورث أولى بالنسب، ثم يقول‏:‏ وما بقي لمواليه فإن كانوا أحياء أخذوه وكملت القسمة، وإن كانوا اثنتين وأنت إحداهما‏:‏

أخذت الحية نصيبها، والباقي لموالي أبي الميت فتأخذ الحية والميتة، ونصيب الميتة لموالي أبيها فالقسمة أبدا على أربعة رتب‏:‏ النسب، ثم الموالي، وما بقي لموالي أمه‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ إذا أعتق ابن وابنة أباهما، ومات الابن أولا عن بنت ثم البنت عن ابن، ثم هلك الأب عن مال وموال فلبنت البنت النصف بالرحم النصف، ولابن البنت ثلاثة أرباع النصف الباقي، والثمن الباقي في موالي أم أخيها، لابن البنت ما لأمه من الولاء، ولها نصف والنصف لأخيها يجر لها الأب نصف ولأخيها فورث ابنها نصف نصيبه أيضا، فإن اشترى ابنتان أباهما ثم اشترت إحداهما مع الأب أخاها هو ابن الأب فعتق عليها، ثم ماتت مشتراة الأخ فمالها لابنها، ثم مات الأب فماله بين الابن والبنت أثلاثا بالنسب لا بالولاء، فإن مات الأخ فلأخيه النصف بالنسب والباقي لمواليه وهم‏:‏ هي وأبوه الميت بينها نصفان صار لها ثلاثة أرباع المال، وللأب الربع فهو لمواليه وهم‏:‏ ابنتاه هذه والميتة قبله بينها نصفان صار لهذه سبعة أثمان المال، وللميتة قبل الأب نصف ثمن يكون لموالي ابنها، وتصح المسألة من ستة عشر فقد ورثت هذه الأخت مرة بالنسب وثلاث مرات بالولاء مرة بصريح عتق أبيها، ومرة بصريح عتق أخيها، ومرة جر إليها أبوها من ولاء أختها، وإن اشترت إحداهما وأبوها أما لها فأعتق الأب نصيبها منها ثم اشترت الأم مع التي اشترتها أخا لهما وهو ابن الأب والأم فماتت التي لم تشتر غير الأب، فورثها أبوها لأمها السدس ولابنها ما بقي، ثم مات الأب فماله لابنه وابنته للذكر مثل حظ

الأنثيين بالنسب، ولا شيء للزوجة؛ لأن نكاحها انفسخ بملكه بعضها ثم ماتت فميراثها بين أبيها وابنتها، للذكر مثل حظ الأنثيين بالنسب ثم مات الأخ فلأخته النصف بالنسب، وما بقي لمواليه، ومواليه‏:‏ أخته هذه وأمه، فيصير للأخت ثلاثة أرباع المال، وللأم ربعه وهي ميتة فهو موروث عنها لمواليها، ومواليها‏:‏ ابنتها هذه وزوجها فهو بينهما نصفان، صار لهذه سبعة أثمان المال، وللأب الثمن فهو موروث عنه يكون لمواليه، ومواليه ابنته هذه والميتة قبله فهو بينهما نصفان صار لهذه سبعة أثمان المال ونصف ثمنه، وفي يدي الميتة نصف ثمن، فهو موروث عنها لموالي أبيها وهم‏:‏ هي نفسها وأختها فيصير للحية سبعة أثمان المال، وثلاثة أرباع الثمن وربع الثمن، وهو واحد من اثنين وثلاثين بينهما للميتة فهو يورث عنها لموالي أمها وهم‏:‏ أختها هذه وأبوها بينهما نصفان، فتصير من أربعة وستين، فللبنت الباقية ثلاثة وستون، وللأب سهم فتجره إذ من يده خرج، وإليه رجع فيصير جميع المال للبنت الباقية فقد ورثت بالنسب، وخمس مرات بالولاء ثلاثا بالصريح واثنين‏:‏ بالجر، والصريح عتق أختها، والثانية‏:‏ بصريح عتق أبيها، والرابعة‏:‏ بما جر إليها أبوها من الولاء من أخيها، والخامسة‏:‏ ما جرت إليها أمها من أخيها‏.‏

فرع‏:‏

في الجعدية‏:‏ الأب يجر ولاء ولده لمن حاز ولاءه، كان ولاؤه لموالى أبيه أو أمه أو المسلمين؛ لأن الأب أولى من الأم في جر الولاء، وإنما يجر الجد ولاء ولده والجد جر، أما إذا مات ثم ولد لأبيه ولد آخر فإن ولاءه لموالي أمه ما دام عبدا، وولاء الولد الأول لموالي الجد ما لم يعتق الأب فينتقل لمواليه‏.‏

تمهيد‏:‏

في المقدمات‏:‏ الموالي أربعة لا يتوارثون‏:‏ وهم المسلمون الذين لا يتناسبون، وموالي يتوارثون وهم المسلمون المتناسبون، ويورثون ولا يورثون وهم المعتقون،

وعكسه‏.‏ والثالث ثلاثة، والمعتق ومعتق الأب ومعتق الأم فيرث المعتق، وإلا فمعتق أبيه، وإلا فمعتق جده وإن علا فإن لم يكن في آبائه جر معتق ورثه بيت المال دون مولى الأم إن كان في الآباء عتيق فانقرض المعتق وعصبته فبيت المال دون موالي الأم، فإن كان منقطع النسب ولد رقا ومنتفيا باللعان، أو آباؤه كفار وعبيد فولاؤه لموالي الأم إن كانت معتقة، فإن كانت حرة لم يعتق فموالي الجد أبي الأم، فإن كانت منقطعة النسب ابنة رقا أو منفية اللعان أو أبوها عبدا أو كافرا كان الولاء لموالي الجدة أم الأم على هذا الترتيب، وجميع هذا الولاء يورث به ولا يورث؛ لأنه يكون لأقرب المعتق يوم مات المولى الموروث، ولا لمن ورث المولى المعتق، وإذا عدم المولى الذي أعتقه وهو معتق أسفل الولاء لمولاه، ثم لمن يجب له ذلك بسببه كولده بعده وأخيه وعمه وجميع العصبة، ثم بعدهم لمولى مولاه، ثم لمن هو يرثه بنسبه على ما تقدم فإن تعذر ذلك فمولى أبيه، ثم لمن يجب له ذلك بسببه على ما تقدم، فإن تعذر ذلك فمولى أمه ولمن يجب له ذلك بسببه، فإن تعذر ذلك فمولى أبيها ومن يجب له ذلك من سببه، فإن تعذر ذلك فموالي أم مولاه، فإن تعذر فبيت المال، وكل ولد يولد للحر من حرة فولاؤه لمولى أبيه وإلا فلجماعة المسلمين إن كان حرا، ولا يرجع ولاؤه لموالي أمه أبدا إلا أن تعتق وهي حامل، فيكون ولاؤها لمعتقها ولمن يجب ذلك بسببه؛ لأن الرق قد مسه في بطن أمه إن كاتبت أو دبرت أو أعتقت إلى أجل فولاء ما في بطنها لسيد أمها ولدته في الكتابة أو بعد أدائها أو ولدته المدبرة في حياة السيد أم لا، والمعتقة إلى أجل قبل الأجل أو بعده‏.‏

فرع‏:‏

في المنتقى‏:‏ قال مالك‏:‏ ابن العبد من الحرة إذا اشترى أباه فعتق عليه فولاؤه له، ويجره لموالي أمه وقاله جميع الأصحاب إلا ابن دينار، قال‏:‏ هو للمسلمين؛ لأن الابن لا يجر‏.‏

تمهيد‏:‏

وافقنا الأئمة إذا تزوج عبدك بمعتقة غيرك فأتت بولد‏:‏ أن الولد تبع لأمه في الرق والحرية، فإن أعتقت العبد انجر ولاء الولد من موالي الأم لموالي العبد، لما في الموطأ وغيره‏:‏ أن الزبير مر بموال لرافع بن خديج فأعجبوه لطربهم وجمالهم فقال‏:‏ لمن هؤلاء‏؟‏ فقالوا‏:‏ هؤلاء موال لرافع بن خديج أمهم لرافع بن خديج وأبوهم عبد لفلان‏:‏ رجل من الحرقة، فاشترى الزبير أباهم فأعتقه ثم قال‏:‏ أنتم موالي فاختصم الزبير ورافع إلى عثمان - رضي الله عنهم - فقضي عثمان بالولاء للزبير‏.‏

ولأن الولاء فرع النسب والنسب معتبر بالأب، وإنما يثبت لموالي الأم لعدم الولاء من جهة الولاء، كولد الملاعنة ينتسب للأم لعدم الأب، فإذا اعترف الأب عاد الولاء إليه، وفي المنتقى‏:‏ اتفق الصحابة والتابعون وتابعوهم أن ولد العبد من المعتقة ولاؤهم لموالي أمهم ما كان أبوهم عبدا، فإذا عتق جر الولاء لمواليه، وإن كانت عربية فولاؤهم للمسلمين حتى يعتق أبوهم، قال مالك‏:‏ يجره الأب بغير حكم لوجود السبب كإقرار أب ابن الملاعنة، فيقدم الأب على الأم في جر الولاء إلا أن يمس الولد الرق فيعتقه سيد الأم فيقدم لكونه مباشرا للعتق والمباشر مقدم، والمنعم على الولد مقدم على المنعم على أبيه، وإذا أعتق مسلم نصرانيا فمات نصرانيا لم يرثه المسلم، وورثه ‏(‏ش‏)‏ لما أن الولاء أضعف من النسب لتقديم النسب، واختلاف الدين يمنع في النسب فأولى في الولاء‏.‏

قال القاضي عبد الوهاب في الإشراف‏:‏ إذا جر الأب أو الجد ولاء الولد عند موالي الأم ثم عدم هو وعصبته لم يعد الولي إلى موالي الأم، وقاله الأئمة؛ لأن الولاء إذا استحق على وفق الأصل لم ينتقض كولد المعتقة لا يرجع إليها الولاء بعد

اعترف الأب، قال‏:‏ فإن تزوج حر لا ولاء عليه بمعتقه فولدها حر لا ولاء عليه، وقاله ‏(‏ح‏)‏ و‏(‏ش‏)‏ إن كان جميعا ثبت الولاء على ولده، وبناه على أصله في جواز استرقاق العجم من عبدة الأوثان دون العرب‏.‏

لنا‏:‏ أن الاستدامة في الأصول أقوى من الابتداء ثم ابتداب الحرية في الأب يسقط استدامة الولاء لموالي الأم، فلأن يمنع استدامة الحرية في الأب ابتداء الولاء لموالي الأم أولى، وقياسا على العربي بجامع حرية الأصل، وإذا عدم الموالي وعاتهم ورث موالي الأب، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ ثبت المال، لنا‏:‏ أن موالي الأب ثبت لهم الولاء على الأب فينجر على ولده كالجد، وولاء المواريث لا يورث، خلافا ل ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏ لنا‏:‏ قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما الولاء لمن أعتق‏)‏ وهذا لم يعتق، وقياسا على ما إذا أسلم على يده، وخالف ابن حنبل إذا أسلم على يده‏.‏ لنا‏:‏ الحديث المتقدم‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد الكريم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما وعليهم أجمعين

كتــــــــــاب التدبيــــــر

وفي التنبيهات‏:‏ مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباث وضمها والجارحة بالضم لا غير، وأنكر بعضهم الضم في غيرها، قال غيره‏:‏ سمي العبد مدبرا؛ لأنه يعتق في دبر حياة السيد، وقيل‏:‏ لأن السيد دبر أمر دنياه بملكه له في حياته، وأمر آخرته بعتقه بموته، وهو في الشرع‏:‏ تعليق عتق الرقيق بالموت‏.‏ وأصله‏:‏ الكتاب والسنة والإجماع، فالكتاب قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وافعلوا الخير‏)‏ ونحوه، والسنة قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المدبر من الثلث‏)‏ وانعقد الإجماع على أنه قربة‏.‏

والنظر في‏:‏ الكاتب وأحكامه، فهذان نظران‏:‏

النظر الأول‏:‏ في أركانه

وهي‏:‏ اللفظ والأهل‏:‏

الركن الأول‏:‏ اللفظ وهو ينقسم إلى الصريح والكناية، ففي الجواهر‏:‏

صريحة‏:‏ دبرتك وأنت مدبر وأنت حر عن دبر مني، وأنت حر بعد موتي تدبيرا، وأنت عتيق عن دبر، ونحوه مما يفيد تعليق عتقه بموته على الإطلاق، لا على وجه الوصية بخلاف تقييده بوجه مخصوص، كقوله‏:‏ إن مت من مرضي هذا أو سفري هذا‏.‏ فهذا وصية لا تدبير، وكنايته‏:‏ أنت حر بعد موتي ويوم أموت فهو وصية إلا أن يريد التدبير ونحوه‏.‏

وفي الكتاب‏:‏ إن قال في صحته‏:‏ أنت حر يوم أموت أو بعد موتي يسأل، فإن أراد الوصية صدق، أو التدبير صدق، ومنع البيع‏.‏ قال ابن القاسم‏:‏ هي وصية حتى يبين أنه أراد التدبير، وقال أشهب‏:‏ إن قال هذا في غير إحداث الوصية لسفر امتثالا للسنة في الأمر بالوصية فهو تدبير إن قال ذلك في صحته‏.‏

في التنبيهات‏:‏ متى نص على لفظ التدبير أو هو حر عن دبر مني فهو تدبير، إلا أن يقيده بما يريده عن حكمه، كقوله‏:‏ ما لم أغير ذلك أو أرجع عنه أو أنسخه بغيره أو أحدث فيه حدثا فهو وصية، ومتى كان العتق بلفظ الوصية ولم يذكر التدبير‏:‏ فليس له حكم التدبير، وإذا لم يقل ذلك فله نيته، وابن القاسم يراه وصية إذا لم يقيد حتى يريد التدبير، وعكسه أشهب، وقال ابن القاسم‏:‏ إن قيد التدبير بقوله‏:‏ إن مت في سفري أو من مرضي أو في هذا البلد فهو مدبر هذا وصية له الرجوع فيه إلا أن ينوي التدبير، وعنه‏:‏ هو تدبير لازم، قال ابن يونس‏:‏ ظاهر قول ابن القاسم‏:‏ التسوية بين أنت حر بعد موتي، كان اليوم لم يزد، ويحمل على الوصية حتى ينوي غيرها، ولو قصد اليوم لكان معتقا إلى أجل على أصلهم في البطلان، كالقائل‏:‏ أنت حر قبل موتي بشهر، وقد سوى مالك بين أنت طالق يوم أموت وقبل موتي بشهر، فعجل الطلاق فيهما، ويحتمل الفرق بين الطلاق والعتاق، يلزمه إذا أوقعه إلى أجل ويعجل، ولا يلزم إذا أوقعه بعد الموت، فلما أتى بلفظ يحتمل أن يقع منه الطلاق وأن لا يقع، لأن أصلنا‏:‏ التحريم بالأقل، والعتق يحتمل أن يقع قبل الموت وبعده، ومنه ما يرجع فيه، فإذا احتمل رجع فيه لقولك، ولذلك ألزمه أشهب التدبير كما ألزمه في الطلاق؛ لأنه أشهد عليه، وقال أشهب في‏:‏ أنت طالق

يوم أموت، وقبل موتي بشهر‏:‏ لا شيء عليه؛ لأنه أمر لا يكشفه إلا الموت، وكذلك قال في العتق‏:‏ لا يعتق إلا من الثلث، وقال ابن القاسم في العتق إذا قال‏:‏ أنت حر قبل موتي بشهر والسيد ملي أسلم إليه يخدمه، فإذا مات نظر فإن حل الأجل والسيد صحيح فهو من رأس المال، ورجع لكراء خدمته بعد الأجل في رأس ماله أو مريض فهو من ثلثه، ويلحقه الدين ولا رجوع بخدمة، وإن كان السيد غير ملي خورج العبد ووقف لد خدمة شهر، فإذا زاد على الشهر يوم أطلق للسيد مثله من الموقوف، هكذا حتى يموت، فإن وافق صحته فمن رأس ماله‏.‏

وفي النكت‏:‏ لم يجب في الكتاب في‏:‏ أنت حر يوم أموت بشيء، وإنما ذكر‏:‏ أنت حر بعد موتي ولم يرد أنها مثلها‏.‏ وسوى ابن أبي زيد في مختصره بينهما، والقائل‏:‏ أنت حر قبل موتي بشهر أو بستة، وحل الأجل وهو مريض فهو من ثلثه، فإن كان علي ملي خورج ووقف خراجه، فإذا مضت السنة وشهر بعدها أعطي السيد خراج شهر من أول السنة الماضية بقدر ما ينوب كل شهر من الخراج، فكلما مضى شهر من هذه السنة أعطي خراج شهر من تلك، وهكذا يعمل فيما قرب من الأجل أو بعد، وعلى هذا يتخرج قول القائل لأمته‏:‏ إذا حملت فأنت حره، إن وطئها مرة في طهر يوقف خراجها، فإن صح الحمل عتقت وهو مردود عليها، وإن كان السيد مليا مكن من خراجها ثم إن وجب عتقها رجعت عليه كالقائل‏:‏ أنت حرة قبل موتي بشهر، ولا ينفق عليها من خراجها بل على السيد، لأنها أمته، وإن حملت فهو ينفق على ولده كالحامل البائن‏.‏

في الكتاب‏:‏ أنت حر بعد موتي وموت فلان عتق من الثلث، كأنه قال‏:‏ إن مات فلان فأنت حر بعد موتي، وإن مت أنا فأنت حر بعد موتي، وإن قال‏:‏ إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي، فكلمه لزمه عتقه بعد موته من ثلثه؛ لأنه

يشبه التدبير، وإن قال‏:‏ أنت حر بعد موتي بيوم أو شهر فهو من الثلث، ويلحقه الدين، قال ابن يونس‏:‏ يريد في‏:‏ أنت حر بعد موتي وموت فلان‏:‏ لا رجوع له فيه لذكر الأجنبي، وهي كمسألة الرقبى كعبد بينكما اجتمعتما على أن من مات منكما أولا فنصيبه يخدم الباقي حياته، فإذا مات فهو حر، ولم يجزها مالك إلا أنه ألزمهما العتق إلى موت أحدهما، ومن مات أولا خدم نصيبه ورثته دون صاحبه، فكذلك يلزمه هاهنا ولا رجوع له، وقيل‏:‏ له كما لو أعتقه بعد موته بشهر، والفرق بينه وبين الرقبى‏:‏ أنها خرجت على معنى المعاوضة فبطلت لفسادها، ولزم العتق الذي التزماه، قال‏:‏ ويرد عليه‏:‏ أنها إذا بطلت وجب أن لا توجب حكما بل إنما لزمهما العتق لدخول الأجنبي فهو عتق إلى أجل، ويريد في قوله‏:‏ أنت حر بعد موتي بشهر أنها وصية، له الرجوع فيها‏.‏

وعن ابن القاسم‏:‏ إن قال في مرضه‏:‏ إن مت من مرضي فعبدي حر مدبر هو تدبير لازم لا رجوع له فيه، وقال أصبغ‏:‏ هذا إن أراد التدبير، وإن أراد أنه مدبر على الوارث، فله الرجوع، ويصدق في دعواه، قال ابن القاسم‏:‏ إن قال مريض عبدي، ثم رجع وقال‏:‏ أردت بعد موتي ولم أبتل صدق، وقال أصبغ‏:‏ إلا أن يرى أنه أراد البتل، قال ابن القاسم‏:‏ وإن قال في مرضه‏:‏ هو مدبر على أبي، لزمه ولا يرجع إن كان منه على البتل دون الوصية ويخدم الأب ورثته حياة الابن والولاء للابن، وإن كانت أمة لم يطأها الأب ولا الابن كالمعتقة إلى أجل‏.‏

وعن ابن القاسم في‏:‏ أنت مدبر على أبي هو مدبر على نفسه، ولا يعتق إلا بموته من الثلث، لا بموت الأب إلا أن يقول‏:‏ هو مدبر عن أبي أو أنت عن دبر عن أبي فينفذ ذلك عن أبيه، قال محمد‏:‏ ذلك سواء‏.‏ وهو معتق إلى أجل حياة أبيه، والولاء لأبيه وإن كان أبوه ميتا عتق مكانه، والولاء لابنه، وعن ابن القاسم سواء، قال كذا‏.‏ ولعلها‏:‏ وإن قال‏:‏ مدبر عن أبي كان الأب حيا أو ميتا لا يعتق إلا بعد موت الابن، لا بعد موت الأب إلا أن يقول‏:‏ أنت حر عن دبر من

أبي، فإن كان الأب ميتا عتق الساعة لحصول المعلق عليه أو حيا فإذا مات أبوه فولاؤه للأب، وإن قال مريض‏:‏ جاريتي مدبرة على ولدي إن مت، ثم صح فلاشيء عليه، ولا تكون مدبرة عن ولده، ولا خلاف إن قال‏:‏ أنت حر عن دبر أبي أنه يعتق بموت الأب، واختلف إن قال‏:‏ مدبر على أبي فقال‏:‏ كالأول، وهو الأصوب، وقيل‏:‏ عن نفسه‏.‏

قال اللخمي في‏:‏ أنت حر بعد موتي وموت فلان، فمات السيد أحدهما ولم يحمله الثلث عتق ما حمله أو مات السيد أولا خير الورثة بين الإجازة وتكون لهم الخدمة حتى يموت فلان أو أعتق ما حمله الثلث ويرق الباقي، وإن قال‏:‏ أنت حر بعد موتي وإن مات فلان فأنت حر توجد له العتق بأحد الوجهين من رأس المال إن مات فلان كان السيد صحيحا أو مريضا، أو مات السيد قبل عتق من الثلث أو ما حمله، ورق الباقي من الثلث وأنت حر بعد موت فلان، فإن مت أنا فأنت حرن عتق بالشطرين، فإن مات فلان قبل عتق من رأس المال، أو السيد قبل ولم يحمله الثلث عجل ما حمله الثلث ويعتق الباقي إذا مات فلان، واختلف فيما يجعل في الثلث، فقيل‏:‏ الرقبة؛ لأنه ظاهر اللفظ، وقيل‏:‏ الخدمة، لأنه باللفظ الأول عتق منه إلى أجل لا يملك منه سوى الخدمة، وأنت حر بعد موتي إلا أن يموت فلان إلا أن أموت أنا فأنت حر، فقيل‏:‏ هو كقوله‏:‏ إن مت أنا فأنت حر، وقيل‏:‏ إن مات السيد أولا ولم يحمله الثلث فهو رقيق، قال‏:‏ والأول أبين، وليس قصده بقوله‏:‏ إلا أن أموت أنا الرجوع عن الأول، وأنت حر للآخرنا موتا هو كقولك‏:‏ بعد موتي وموت فلان، وإن قال‏:‏ لأولنا موتا عتق بأحد الوصفين فإن مات فلان عتق من رأس المال أو السيد فمن الثلث ورق ما عجز عنه الثلث، وإن كان عبد بينكما فقلتما‏:‏ هو حر لأولنا موتا في عقد واحد بغير كتاب أو في كتاب واحد، فمات أحدكما فنصيب الحر من رأس المال، ونصيب من الثلث، فإن عجز نصيبه عن ثلثه لم يقوم الذي عجز عن الحي، وإن قلتما‏:‏ لآخرنا موتا‏.‏ فنصيب الميت أولى من ثلثه، فإن حمله خدم ورثته حياة الحي، وإن لم يحمله الثلث خير الوارث بين الإجازة، ويكون له خدمة ذلك النصيب حياة الحي أو يعتق ما حمله الثلث معجلا، ولا يقوم ما بقي منه على الآخر، فإن مات الآخر فنصيبه في ثلثه‏.‏ ويعجل عتقه إن حمله الثلث أو ما حمله، وإن جعلتما ذلك في عقدين فقلت‏:‏ هو حر لأولنا موتا، ثم قال الآخر مثلك فمات القائل عتق نصيب الحي من رأس المال، ونصيب الميت من الثلث وما عجز منه لم يقوم على الثاني؛ لأنه لم يبتدئ عتقا، فإن كان على الأول دين فوق نصيبه قوم على الثاني ويصير كمن لم يعتق سواه، فإن مات القائل أولا أخيرا عتق نصيب الحي من رأس المال، والميت هو الثلث، وما عجز عن الثلث قوم على الحي لأنه المبتدئ بالعتق، وإن قال‏:‏ هو حر لآخرنا موتا في عقدين ثم قال‏:‏ ثم مات القائل أولا وحمل الثلث نصيبه خدم ورثته حياة الحي منهما، فإذا مات عتق، وإن لم يحمله الثلث لم يستتم على الحي، وإن مات أولا القائل‏:‏ آخرا ولم يحمله الثلث ولم يعجز ورثته، عجل ما حمل الثلث وكمل الباقي على الحي، لأنه مبتدئ العتق، فإن قلت‏:‏ هو حر لنا موتا، وقال الآخر‏:‏ لآخرنا موتا عتق نصيب الحي من رأس ماله والميت من ثلثه، فإن حماه خدم ورثته حتى يموت الآخر، وإن لم يحمله ولم يجز ورثته عجل عتق ما حمله، هذا إذا كان الأول فقيرا وإلا كما عليه كالعتق بتلا، ثم يعتق الآخر إلى موت فلان فإنه يخير الثاني بين تبتيل العتق، والتقويم على الأول‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ أنت حر بعد موت فلان أو بعد موته بشهر عتق من رأس المال إلى الأجل، ولا يلحقه دين؛ لأنه أعتق في الصحة، وإن مات السيد فلان خدم الورثة إلى موت فلان أو إلى بعد موته بشهر وعتق من رأس المال، فإن قال ذلك في

مرضه عتق من ثلثه إلى أجله وخدم الورثة إلى الأجل، وإن لم يحمل الثلث خير الوارث في إنفاذ الوصية أو عتق محمل ناجزا، وإن قال‏:‏ إن خدمتني سنة فأنت حر‏.‏ فمات السيد قبلها‏:‏ خدم العبد ورثته، فإذا تمت السنة عتق، فإن وضع السيد عنه الخدمة عجل عتقه، وإن قال‏:‏ اخدم فلانا سنة وأنت حر، فمات فلان قبل السنة خدم الوارث بقية السنة وعتق، وأما‏:‏ أخدم ولدي وأخي وابن فلان سنة وأنت حر فيموت المخدم قبل السنة‏:‏ فإن أراد الحضانة والكفالة عجل عتق العبد بموت المخدم أو الخدمة‏:‏ خدم العبد ورثة المخدم بقية السنة وعتق، وإن قال‏:‏ أنت حر على أن تخدمني سنة، وأراد العتق بعد الخدمة فلا يعتق حتى يخدم أو ينوي تعجيل العتق، وشرط عليه الخدمة عتق، ولا خدمة عليه، وإن قال‏:‏ أنت حر بعد سنة أو إذا خدمتني سنة، قال‏:‏ هذه السنة بعينها أو لم يقل فهو سواء وتحسب السنة من يوم قوله، فإن أبق فيها العبد أو مرض فصح بعد زوالها عتق ولا شيء عليه؛ لأن من أكرى داره أو دابته أو غلامه سنة فقال‏:‏ أكريتها سنة إنما يحسب من يوم قوله قال هذه السنة، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ إذا قال‏:‏ أخدم فلانا سنة وأنت حر فمات العبد قبل السنة، وترك مالا فهو لسيده أو لورثته؛ لأنه رقيق‏.‏

ابن القاسم‏:‏ إن قال‏:‏ أخدمني سنة وأنت حر فإن أبقت فيها فلا حرية لك أو عليك قضاء ما أبقت فيه فله شرطه، قال غيره‏:‏ وإن دبره وشرط عليه إن أبق فلا حرية لهن نفعه شرطه؛ لأن العتق إلى أجل أقوى من المدبر فإذا نفع الشرط فيه فالمدبر أولى وليس كالمكاتب يشترط عليه إن أبقت فلا حرية لك؛ لأن المقصود منه إذا المال فلا يقدح فيه الإباق إذا أدى، فإن عجز فسوى ابق أم لا يعجز بعد التلوم والمدبر والمعتق إلى أجل، المقصود منهما‏:‏ الخدمة، والإباق يخل فيهما، وقد سوى بينهما، قال‏:‏ وهو غلط، وقيل في المعتق إلى أجل يأبق في الأجل ويأتي بعده وقد اكتسب مالا في إباقه أن للسيد أخذه، قال‏:‏ والأول أحب إلينا، وإن قال‏:‏ أخدم فلانا حياتي

فإذا مت فأنت حر‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ هو حر من الثلث؛ لأنه عتق بعد الموت، وقال أشهب‏:‏ من رأس المال؛ لأنه خرج من ماله في صحته، وانقطع ملكه عنه، وكل من خرج في الصحة لا يرجع إليه ولا لورثته بعده بوجه فهو من رأس المال، وإن كان لا يعتق إلا بموت صاحبه فهو من ثلثه، وأصل ابن القاسم‏:‏ أن كل عتق يكون بموت السيد فلا يكون إلا من الثلث وإن كان لا يرجع إلى سيده ولا إلى ورثته أبدا، وإن كان عتقه بموت غير السيد من مخدم أو غيره فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه‏:‏ أنه من رأس المال، فإن قال‏:‏ أخدم فلانا حياته فإذا مت أنا فأنت حر، فاتفقا أنه من الثلث أو قد يرجع للسيد إن مات المخدم قبله، وإن قال‏:‏ أخدم عبد الله حياة زيد فإذا مات سعيد فأنت حر فهو من رأس المال، فإن مات زيد قبل سعيد رجع العبد إلى سيده أو إلى ورثته إن مات سعيد، وإن لم يمت زيد أخدمه عبد الله وورثته حتى يموت سعيد فيعتق، وإن قال‏:‏ أخدم فلانا حياته وأنت حر فإن مت أنا فأنت حر، فهو - عند أشهب - من رأس المال؛ لأنه لا يرجع للسيد ولا لورثته، وعند ابن القاسم‏:‏ ينبغي إن مات الأجنبي قبل سيده فمن رأس المال أو السيد قبل الأجنبي فمن ثلثه، فإن عجز الثلث عن شيء منه فرق كان ما رق منه يخدم الأجنبي حياته ثم يعتق، قال محمد‏:‏ وإنما تعجل في ثلث سيده خدمته حياة المخدم على الرجاء والخوف؛ لأنه لم يبق فيه رق غير الخدمة، وإن قال‏:‏ أخدم فلانا وأنت حر إلا أن أموت أنا فأنت حر فمات الأجنبي أولا، ولم يستحدث السيد دينا يوم قال ذلك عتق - عند أشهب - من رأس المال أو لحقه دين فالدين أولى به، وإن ما السيد أولا عتق في ثلثه فإن عجز رق باقيه لورثته، لأنه استثنى عليه رقا بقوله‏:‏ إلا أن أموت وأنت حر إذا غابت الشمس إلا أن دخل الدار فأجل فيها فلانا فالرق يلحقه إذا دخلها قبل المغيب، وأسقط أجل مغيب الشمس، وقد أبقى الرق موضعها

باستثنائه هذا أو متى كان فيه أبدا موضع الرق لحقه الدين، وإن مات سيده عتق من الثلث، وكذلك أنت حر إلى عشر سنين إلا أن أموت قبلها فإن حلت السنين ولا دين عليه عتق من رأس المال، أو مات السيد قبل ذلك عتق في ثلثه أو ما حمله، ورق الباقي وسقط عتق الأجل‏.‏

قاعدة‏:‏ الصريح من اللفظ‏:‏ ما وضع للمعنى لغة كالطلاق في إزالة العصمة، أو عرفا كالحرام في إزالة العصمة، والكناية‏:‏ هو اللفظ الدال على المعنى بطريق الاحتمال والمجاز لا بالصريح، فالمجاز كالذهاب في الطلاق والعتق، والمتردد - مع أنه حقيقة - كقوله‏:‏ أنت حر بعد موتي فهو صادق على الوصية والتدبير حقيقة، ولا يتعلق إلا بالنية على الخلاف المتقدم‏.‏

الركن الثاني‏:‏ الأهلية، وفي الجواهر‏:‏ لا يصح التدبير من المجنون وغير المميز، وينفذ من المميز ولا ينفذ من السفيه؛ لأنه تبرع، وجوزه ‏(‏ش‏)‏ لأنه باق على ملكه على أصله في جواز يبعه وبعد الموت هو مستغن عن المال، وتصرفه في التبرع بعد الموت جائز كالوصية، ووافقنا ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏ في الصبي؛ لأنه ليس من أهل العقود والسفيه من أهلها، وينفذ من ذوات الزوج وإن لم يكن لها سوى ما دبرت، قال ابن القاسم‏:‏ لأنه لا يخرج من يدها شيء بخلاف العتق، ومنعه سحنون إلا بإذن زوجها، قال ابن يونس‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ لا يلزم المولى عليه التدبير إلا بعد رشده كعتقه، قال ابن القاسم‏:‏ إذا دبر العبد أمته بإذن سيده لا يمسها السيد ولا العبد، وهي معتقه إلى أجل من رأس المال ولا يلحقها دين، وولاؤها للسيد وإن عتق العبد فإن وطئها العبد فحملت أوقفت هي وولدها حتى يموت العبد فتعتق، فإن وطئها السيد فحملت لحق بها الولد؛ لأن له الانتزاع ولا يقربها، وتعتق إما بموت

العبد أو السيد أيهما مات أولا عتقت لوجود أحد السببين، قال‏:‏ لو قيل تعجل عتقها حين حملت لصح إذ لا خدمة فيها ولا وطء كولد أخته من الرضاعة قاله عيسى، قال ابن القاسم‏:‏ ولا يطأ الرجل مدبرة لمدبرته، ولا لأم ولده، ولا المعتقة إلى أجل وهي كالمعتقة إلى أجل؛ لأنها تعتق بموت من دبرها، وليس لأحد من هؤلاء تدبير إلا بإذن السيد، قال ابن القاسم‏:‏ إن دبر المكاتب فعلم السيد ولم ينكره حتى عجز فلا تدبير له إلا أن يكون أمره سيده بذلك، وليس سكوته بشيء، قال أصبغ‏:‏ وإن دبر بإذنه لم يطأها حتى يؤدي جميع الكتابة إذ قد يعجز فترجع الأمة إلى السيد معتقة إلى أجل‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ يصح تدبير الكافر الأصلي لعبده بعد إسلامه ثم يعتق عليه عند ابن القاسم؛ لأنه جمع بين عزة الإسلام وأحكام الملك‏.‏